خيرية الأمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أبرز خصائص الأمة الإسلامية التي ميّزها الله تعالى بها، وجعلها سببًا في خيريتها وفضلها على سائر الأمم، كما ورد في قوله تعالى:
﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ – [آل عمران: 110]
يُفهم من الآية أن هذه الخيرية مشروطة باستمرار القيام بهذه الوظيفة الأخلاقية والاجتماعية، فإذا تعطّلت أو انعكست – فأصبح المعروف منكرًا والمنكر معروفًا – زالت هذه الخيرية وأصبحت الأمة كغيرها من الأمم.
المفهوم والدلالة
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل من أصول الشريعة الإسلامية، يهدف إلى إصلاح المجتمع وصيانة قيمه. والمقصود بالمعروف كل ما أمر به الشرع من الطاعات والمحاسن، وبالمنكر كل ما نهى عنه الشرع من المعاصي والقبائح. ويُعدّ هذا المبدأ آلية رقابة مجتمعية تحفظ التوازن الأخلاقي وتمنع الانحرافات.
شرط الخيرية في الأمة
يرى العلماء أن خيرية الأمة الإسلامية مرتبطة بمدى التزامها بهذا التكليف. فإذا ترك المسلمون الدعوة إلى الخير والاعتراض على المنكر، فقدت الأمة سبب تميّزها، لأن فضلها لا يقوم على الانتساب الشكلي إلى الإسلام، بل على الالتزام الفعلي بمضامينه. ويُستدل على ذلك من قوله تعالى:
﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ﴾ – [الأنفال: 33]
إذ يُفهم منها أن اتباع منهج النبي ﷺ في الحياة الاجتماعية والسياسية والأخلاقية سببٌ في رفع البلاء، وغيابه سبب للعقوبة والتأخر.
بين المضمون والشكليات
يؤكد الفكر الإسلامي أن الالتزام الديني لا يُقاس بالمظاهر الخارجية فقط، بل بالمضمون الحقيقي للسلوك. فالمساجد، والعبادات، والمناسبات الدينية لا تحقق الإصلاح ما لم تصحبها التوبة الصادقة والالتزام العملي بمبادئ العدل والحق. لذلك يرى بعض العلماء أن الله لا يعبأ بالشكليات إذا خلا المجتمع من مضمونها الإيماني. فالصلاة والصوم والحجّ تُفقد معناها إن لم تنعكس على سلوك الإنسان في كسب المال وإنفاقه ومعاملاته اليومية.
أهمية النصح في القيادة والمجتمع
النصيحة من مظاهر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد ورد في الحديث الشريف:
«إذا أراد الله بالأمير خيرًا جعل له وزير صدق، إن نسي ذكّره، وإن ذكر أعانه» – رواه النسائي
يفهم من الحديث أن صلاح القيادة مرتبط بوجود من ينصحها بصدق، وأن وجود بطانة السوء يؤدي إلى الانحراف والظلم. ولهذا أكّد العلماء ضرورة تقريب الناصحين وإبعاد المنافقين في كل المستويات، من الأسرة إلى المؤسسات.
العدل والإنصاف
يُعدّ العدل من القيم المركزية في الإسلام، ويتجلى في عدم الانحياز الأعمى للأقارب أو الشركاء أو العصبيات. فالإنصاف مطلوب في كل المواقف، مصداقًا لقول النبي ﷺ:
«من أعان على خصومة لم يزل في سخط الله حتى ينزع»
وقد أشار العلماء إلى أن انحياز الأفراد إلى ذويهم دون وجه حقّ يُضعف الروابط الاجتماعية ويؤدي إلى الظلم، وأن كلمة الإنصاف تعدل عند الله عبادةً طويلة، كما ورد في الأثر: «عدل ساعة يعدل عبادة ثمانين عامًا».
التعاون على الإثم والعدوان
يحذر الإسلام من المشاركة أو الإعانة على الظلم بأي صورة، ولو كانت بالرضا أو التبرير أو السكوت، استنادًا إلى قوله تعالى:
﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ – [المائدة: 2]
وقد ورد في الحديث:
«لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله في النار» – رواه الحاكم
يُفهم من هذا أن الرضا بالظلم أو المشاركة فيه، ولو بصورة غير مباشرة، يُحمّل صاحبه جزءًا من الإثم، ولذلك يرى الفقهاء أن المجتمعات الديمقراطية التي تختار المعتدين والمفسدين تتحمل مسؤولية أخلاقية عن أفعالهم لكونها أقرّتهم بالانتخاب أو التأييد.
خطر العصبية والانحياز
العصبية المذمومة هي الانحياز إلى القوم أو الجماعة أو العائلة على الباطل. وقد قال النبي ﷺ:
«ليس منا من قاتل على عصبية أو قتل على عصبية» – رواه أحمد
ويُعدّ الانحياز الأعمى من أسباب فساد المجتمعات، لأنه يُضعف ميزان العدل ويقوّض الثقة العامة. وقد نبّه العلماء إلى أن المسلم قاضٍ في بيته ومجتمعه، وعليه أن يزن الأمور بالحق لا بالعاطفة أو القرابة.
العاطفة الأخلاقية العميقة
يرى الفكر الإسلامي أن المسلم الواعي ينبغي أن يمتلك عاطفة أخلاقية عميقة تُمكّنه من التمييز بين الحق والباطل، لا أن يُخدع بالمظاهر أو الثروة. فالغنى الناتج عن الظلم أو المتاجرة بالمحرمات لا يُعدّ شرفًا، بل هو خزي، بينما يُعدّ الفقير التقيّ أكرم عند الله. وقد رُوي عن سعيد بن المسيّب قوله:
«لا تملؤوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بإنكار من قلوبكم لئلا تحبط أعمالكم الصالحة».
نتائج الإعانة على الظلم
تحذّر النصوص الشرعية من عاقبة التعاون مع الظالمين، إذ يورّط الإنسان في أوزار غيره، وقد جاء في الأثر: «من أعان ظالمًا سلطه الله عليه». وهذا المفهوم يُبرز مسؤولية الفرد في محيطه الاجتماعي والسياسي، ويدعو إلى اليقظة الأخلاقية الدائمة.
الخلاصة
إن خيرية الأمة الإسلامية مشروطة بقيامها بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قولًا وفعلاً، في القيادة والمجتمع والأسرة. ويعدّ هذا المبدأ ضمانة لحفظ العدالة والحق، ومنع الظلم والانحراف. أما إذا تعطّل هذا الواجب أو استُبدل بالسكوت أو بالمجاملات، فقدت الأمة سبب تميّزها، وتعرّضت لمظاهر الضعف والاضطراب التي حذر منها القرآن الكريم.
Our mission
We're on a mission to change the way the housing market works. Rather than offering one service or another, we want to combine as many and make our clients' lives easy and carefree. Our goal is to match our clients with the perfect properties that fit their tastes, needs, and budgets.
Our vision
We want to live in a world where people can buy homes that match their needs rather than having to find a compromise and settle on the second-best option. That's why we take a lot of time and care in getting to know our clients from the moment they reach out to us and ask for our help.
Our team
Our strength lies in our individuality. Set up by Esther Bryce, the team strives to bring in the best talent in various fields, from architecture to interior design and sales.
Esther Bryce
Founder / Interior designer
Lianne Wilson
Broker
Jaden Smith
Architect
Jessica Kim
Photographer